صواريخ الكرامة مستمرة ويدخل قصفها تل ابيب اسبوعه الثاني أكثر قوة وفاعلية.. الى متى يخفي الإسرائيليون خسائرهم؟
يمنات
عبد الباري عطوان
طالما استمرت فصائل المقاومة في قطاع غزة حتى الساعة في اطلاق الصواريخ بكثافة على المدن والمستوطنات الإسرائيلية للأسبوع الثاني، فان هذا يعني، وبكل بساطة، فشلا إسرائيليا، وانتصارا فلسطينيا، خاصة اذا وضعنا في اعتبارنا ان القيادتين العسكرية والسياسية تبحثان بكل الطرق الوسائل عن اي انجاز عسكري لتسويقه الى الرأي العام القلق والمرعوب، يعطيها الذريعة للخروج من حرب الاستنزاف الحالية هذه بأقل قدر من الخسائر، ولكن قيادة المقاومة لم ولن تقدم لهما هذه الذريعة بكشفها كل يوم عن أسلحة جديدة وانتصار جديد، وإدارة متقدمة جدا للمعركة وفصولها.
توافد المسؤولين الأمريكيين بشكل لافت هذه الأيام سعيا لوقف اطلاق النار يعني ان إسرائيل مهزومة، وتعيش مأزقا وجوديا، وهم يريدون إخراجها منه، فالأمريكان لا يهتمون مطلقا بالجانب الفلسطيني، ولا يسعون لوقف المجازر التي ترتكب في حق الأطفال والنساء (اكثر من 200 شهيد بينهم 58 طفلا و34 امرأة)، وانما لوقف الصواريخ التي بثت الرعب في نفوس اكثر من ستة ملايين إسرائيلي باتوا ينامون في الملاجئ لليوم السابع على التوالي.
حتى لا نتهم بالمبالغة والتهويل خاصة من قبل المطبعين والمشككين، ننقل ما قالته شير دانييلز، رئيسة جمعية للإسعاف النفسي في تصريحات متلفزة “نحن نرى ارتفاعا غير مسبوق لمنسوب الرعب في اوساط المجتمع الإسرائيلي، وتلقينا 6000 طلب للمساعدة والعلاج من مختلف انحاء البلاد في ايام معدودة”.
***
ثلاثة آلاف صاروخ جرى اطلاقها حتى الآن على اهداف ومدن “إسرائيلية” كبرى، تختلف كليا عن مثيلاتها في الحروب السابقة، من حيث كونها اكثر ثقلا (رؤوسها المتفجرة) واكثر دقة، واكثر قدرة على تجاوز القبب الحديدية، والوصول الى أهدافها على طول فلسطين المحتلة وعرضها.
انتفاضة القدس الصاروخية هذه وفرت على الدول الخليجية المطبعة، والموقعة، لاتفاقات ابراهام عشرات المليارات من الدولارات لأنها كانت على وشك شراء العشرات من القبب الحديدية وصواريخها، بعد فشل منظومات صواريخ الباتريوت الامريكية في التصدي لصواريخ تحالف حركة “انصار الله” الحوثية، اعتقادا منها وبعد سقوطها في مصيدة اكاذيب بنيامين نتنياهو وجنرالاته بأن هذه القبب الأكثر كفاءة وقدرة على حمايتهم.
الجيش الإسرائيلي لم يحقق انتصارا واحدا ذا شأن في الايام السبعة الاولى من عمر الحرب، باستثناء قتل المدنيين الأبرياء، ونسف عدة أبراج سكنية من بينها مكاتب برج الجلاء مقر الصحافيين، واغتيال واحد او اثنين من قادة “حماس” و”الجهاد الإسلامي” الميدانيين، ولم يجرؤ على الاقتراب مطلقا من القيادات العسكرية التي تدير المعركة من الغرف المشتركة، ولم ينجح في الوصول الى منصات الصواريخ ومعاملها ومشغليها، الامر الذي زاده ارتباكا، ودفعه الى الاقدام على ضربات لمنازل سكنية، لبعض القيادات الفلسطينية الامر الذي يكشف بأسا، وفشلا استخباريا آخر يضاف الى سلسلة الاخطاء السابقة.
واذا كان صاروخ “العياش 250” الذي اغلق مطار رامون البديل في النقب بعد لحظات من فتحه، احد ابرز مفاجآت الاسبوع الاول، فان الغواصات وسلاح الضفادع البشرية قد يكون مفاجأة الأسبوع الثاني، ولعل قصف منصة لإنتاج الغاز قبالة مدينة اسدود في البحر المتوسط، احد المؤشرات المهمة في هذا الصدد.
الحياة اليومية في دولة الاحتلال باتت في حال شلل شبه كامل، مما يعني توجيه ضربة قاتلة للاقتصاد الإسرائيلي الذي يترنح حاليا من آثار وباء الكورونا ولم يتعافى منه، والترجمة العملية ستكون تزايد وتيرة الهجرة المعاكسة للأسر ولرؤوس الأموال اليهودية، والغربية، الى ملاذات آمنة في الغرب.
في الانتفاضة المسلحة الثانية عام 2001 هربت 90 شركة “هاي تيك” من وادي “السيلكون الإسرائيلي” الى لندن ونيويورك، وانهارت صناعة السياحة في الدولة العبرية بشكل شبه كامل، ورفضت الفرق الكروية لعب مبارياتها في تل ابيب لانعدام الامن، وهذا السيناريو سيتكرر في مرحل ما بعد وقف اطلاق النار اذا تم التوصل اليه، فمئات الآلاف حزموا حقائبهم استعدادا للرحيل فور فتح المطارات.
التهديد باجتياح قطاع غزة وإعادة احتلاله، كان مناورة، وكذبة كبرى لم تعط اؤكلها، لان هذا الاجتياح لو تم سيكون بداية النهاية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، لان الدخول الى مصيدة قطاع غزة كان وما زال سهلا، ولكن الخروج منه، وهو حتمي، هو الأصعب والأكثر كلفة، خاصة بعد امتلاك فصائل المقاومة صواريخ “الكورنيت” التي اذلت دبابة “الميركافا” وحرمت عليها دخول القطاع، علاوة على مئات الآلاف من البنادق الرشاشة، الى جانب الصواريخ والطائرات المسيرة.
***
وقف اطلاق النار لن يتم الا بشروط المقاومة، زفي التوقيت الذي تختاره، وكل ما يتردد على السنة المتحدثين الامريكيين عن رفض القيادة الإسرائيلية لمساعيهم في هذا الصدد أكاذيب وبالونات اختبار، فتحت الطاولة يستجدون وقف اطلاق النار، ويمارسون ضغوطا ضخمة على حلفائهم مصحوبة بإغراءات في مصر وقطر والأردن للتعاون معهم في هذا الملف، وبأسرع وقت ممكن، تقليصا للخسائر، أي خسائر “إسرائيل” التي تخفي خسائرها البشرية بكل الطرق والوسائل وفرض الرقابة على الاعلام، حتى لا تنهار جبهتها الداخلية المزعومة.
الشعب الفلسطيني، ومعه كل الاشقاء العرب، والشرفاء الأجانب، انتظر هذه اللحظة سنوات طويلة مؤلمة تعرض طوالها للسباب والشتائم، والتخوين، والتشكيك، وتطاول بغات الأرض من المطبعين الجدد واجهزة مخابراتهم التي يديرها مستشارون صهاينة، وها هي صواريخه وشهداؤه يقلبون الطاولة على الجميع، ويعيدون القضية الفلسطينية الى الواجهة مجددا، ويعّرون إسرائيل، ويكشفون زيف قببها المليئة بالثقوب، ويهزمون جيشها الذي يدعون انه لا يهزم، وفي الجولة الأولى، والجولات القادمة اعظم.. والأيام بيننا.
المصدر: رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520.